وكالة مهر للأنباء: تعتبر اللغات أهم العوامل في حفظ الثقافات والتاريخ، فجميع الحضارات كانت ولازالت تسعى لحفظ ميراثها الفكري عبر حفظ لغاتها، حيث تحاول اليوم المؤسسات الثقافية في كل بلدان العالم حفظ لغاتها بعيداً عن سلبيات العولمة والتطورات التكنولوجية التي أبعدت الرقابة عن الحرف والكلمة.
في السنوات العشر الأخيرة خرج الاهتمام باللغة من مجاله الأكاديمي نحو مؤسسات جديدة معنية ومن ضمنها الاعلام، وفي ايران تساهم عدة مؤسسات في تقديم جهود ساعية للحفاظ على اللغة الفارسية وإبعادها عن خطر الانقراض في ظل موجة تهدد جميع اللغات القديمة.
احصائيات لغوية
حسب التقارير المدونة في أشهر المواقع العالمية في مجال اللغات "Ethnologue: Languages of the World" فإن اللغات الحية الأقوى في العالم تتنافس في ما بينها لتحقيق توسع جديد بين الناطقين بها، حيث ذكر هذا الموقع ثماني لغات هي الأقوى عالمياً من حيث تعداد الناطقين بها وتتصدر القائمة اللغة الصينية 1.3 مليار شخص، تليها الاسبانية 427 مليون شخص، ثم الانكليزية 339 مليون شخص، فالعربية 267 مليون شخص، ثم الهندية 260 مليون شخص، تليها البرتغالية 202 مليون، فالبنغالية 189 مليون شخص وأخيراً الروسية 177 مليون شخص.
كما وأظهر تقرير W3Techs في شهر ايار 2016 إن 53.5% من المواقع الالكترونية باللغة الانكليزية تحتل بدورها المرتبة الأولى من حيث المراجع، بينما تحتل المرتبة الثانية اللغة الروسية 6.4% من المواقع الالكترونية، وثالثاً اللغة الالمانية 5.5%.
أما في مجال الإقبال على تعلم اللغات فتحتل اللغة الانكليزية المرتبة الأولى بلا منازع، فإلى جانب اللغة الأم يقبل 90% من طلاب العالم على تعلم اللغة الانكيلزية والأسباب واضحة فالانكليزية هي لغة العلم والتجارة في العالم الحالي.
أقدم عشر لغات حية
أوضحت مجلة "كالتشر" العالمية في تقرير جديد لها إن عددا من اللغات العالمية ورثتها البشرية عن الحقب التاريخية الأولى انقرض بينما بقي بعضها الأخرى يستخدم في مجموعات ضيقة من المجتمعات المحلية مشيرة الى انه حافظت عشر لغات تاريخية على بنيتها الشكلية حتى اليوم برغم تطورها إلا إنها تحمل اللون التراثي القديم.
من غير الممكن أن نقول إن هذه اللغة أقدم من تلك اللغة فتاريخ جميع اللغات من تاريخ البشريةيرى هذا التقرير إن التغيرات التي تطرأ على اللغات أشبه بالتغييرات البيولوجية فهي تحدث بدقة عالية من جيل إلى جيل دون أن توجد نقطة انفصال بين اللغة وتطورها الآخر.
وصنف التقرير 10 لغات عالمية معتبراً إياها أقدم اللغات الحية في تاريخ لبشرية، موضحاً إنه من غير الممكن أن نقول إن هذه اللغة أقدم من تلك اللغة فتاريخ جميع اللغات من تاريخ البشرية إلا إن بعض الميزات والمؤشرات تمنح كل لغة ميزتها التاريخية.
اللغة التاميلية؛ يتكلم 78 مليون شخص باللغة التاميلية وهي اللغة االرسمية في سيريلانكا وسنغافورة وإحدى الولايات في الهند، وهي اللغة الكلاسيكية الوحيدة التي حافظت على نفسها وهي من عائلة اللغات الدرافيدية، ويعود أقدم النصوص المكتشفة بهذه اللغة إلى القرن الثالث قبل الميلاد.
اللغة الليتوانية؛ هي اللغة الرسمية لليتوانيا وتحمل بين حروفها جذورهاً برتو- هندو- اوروبية، حافظت هذه اللغة على قواعدها القديمة وأحرفها الصوتية تعود في قدمها إلى 3500 سنة قبل الميلاد.
الناطق باللغة الفارسية يمكن أن يقرأ نصاً يعود إلى القرن التاسع الميلادي بأقل صعوبة مما يُقرأ في الانكليزية نصاً لشكسبيراللغة الفارسية؛ تنتشر الآن في ايران وافغانستان وطاجيكستان، وهي وريثة اللغات القديمة الملكية في العهود القديمة، أخذت اللغة الفارسية شكله الحالي القرن الثامن بعد الميلاد، وتمكنت من الحفاظ على تفاصيل كثيرة لم يغيرها الزمن، فالناطق باللغة الفارسية يمكن أن يقرأ نصاً يعود إلى القرن التاسع الميلادي بأقل صعوبة مما يقرأ امريكي او بريطاني نصاً لشكسبير.
اللغة الایسلندية؛ إحدى اللغات الجرمانية الشمالية وتعتبر من اللغات الاسكندنافية الغربية، حافظت على الصعوبات التي ورثتها عن جذورها على عكس بقية اللغات من العائلة الجرمانية التي تخلت عن الكثير من خصائصها، تأثرت هذه اللغة بالحكم الهولندي مابين القرن الرابع عشر والعشرين إلا إن الناطقين بهذه اللغة يتمكنون اليوم من قراءة النصوص القديمة حيث تعرف هذه اللغة باسم لغة الحكايات.
اللغة العبرية؛ توقف استخدام اللغة العبرية في القرن الرابع الميلادي لينحصر استخدامها على العبادات اليهودية إلا إن الكيان الصهيوني أعاد إحياء هذه اللغة في القرن التاسع عشر بتعيينها اللغة الرسمية لكيانه الموعود، تأثرت اللغة العبرية باللغات المحلية لليهود إلا إن الناطقين بها يمكنهم قراءة أقدم النصوص العبرية.
المقدونية؛ هي إحدى اللغات السلافية التي تضم عدد من اللغات الأخرى كالروسية والبولندية والتشيكية وتعتبر أكثر حداثةً من اللغات الأخرى إلا إنها حفظت في تفاصيلها قواعد أبجدية السيريلية.
اللغة الباسكية؛ تعتبر هذه اللغة سر بحد ذاتها، يتكلم بهذه للغة سكان إقليم الباسك في اسبانيا وفرنسا، تستقل هذه اللغة في جذورها عما يحيط بها والأجدر فجذورها لا تعود لإي لغة في العالم، فكل مساعي علماء اللغة والألسنيات باءت بالفشل في تحديد جذر هذه اللغة التي تعود إلى ماقبل دخول الرومانين.
اللغة الفلندية؛ بقيت هذه اللغة القديمة لغة محكية دون تدوين حتى القرن السادس عشر الميلادي، واقترضت هذه اللغة جزء من كلماتها من اللغات القديمة وحافظت عليها فيما انقرضت في لغتها الاصلية.
اللغة الجورجية؛ حفظت اللغة الجورجية على الآداب القديمة في منطقة القوقاز لها أبجديتها التي تكونت في القرن الثالث بعد الميلاد باقتباس من اللغة الآرامية.
اللغة الايرلندية المحلية؛ يتكلم بها اليوم مجموعة من الأقليات في ايرلندا وترجع قدمتها إلى عهود طويلة قبل ظهور االغات الجرمانية وتكتب هذه اللغة بأبجديتها الخاصة.
يختصر هذا التقرير تياراً فكرياً جديداً يطالب بالتمسك باللغات القديمة والحفاظ عليها وتجديد ما سقط منها، وذلك للحفاظ على الثقافة القديمة لكل أمة في حلقة لا تخلو من المنافسة. /انتهى/
تعليقك